بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
لقد اوجد القدر لمنطقة اقبلي في إقليم تيدكلت مجال حيوي خلاق للإبداع، ذوا مظهر بسيط ترجمه التلامس الجغرافي الطبيعي مع منطقة اهنت الشاسعة، و التي تعتبر مسكنا للطوارق و مكان لنفوذهم القبلي، و الذين خلقوا تواصلا اجتماعيا مع الزناتة الممتدة بلادهم من منطقة قورارة مرورا بمنطقة توات الوسطى المسماة بتيمي حتى منطقة تيدكلت فنجم عن ذلك تشكيل اللبنة الأساسية لسكان اقبلي الامازيغي و هذا في البداية، و بمرور الزمن حملت القوافل القادمة من كل صوب و التي جعلت من المنطقة مركزا لاتجاهاتها المختلفة سكان جدد من العرب بثقافتهم العربية الإسلامية و التي سيطرت على الحياة الاجتماعية فاندمج فيها الجميع بالإضافة للسود الأفارقة الذين دخلوا لاحقا.
و تجدر الإشارة إلى أن المنطقة اكتسبت بمرور الوقت و تدافع الأجيال شهرة بسب تلك القوافل المحملة بالتجارة و المسافرين ، ونخص بالذكر بعض تلك الرحلات المتجهة نحو مكة المكرمة لأداء مناسك الحج و العابرة من هذا المكان بشكل انفرادي و متعدد و هو ما تطلب تنظيم الرحلة انطلاقا من المنطقة في ركب واحد بقيادة الشيخ محمد بن عبد الرحمان أبي نعامة الكنتي و الذي يرجع له الفضل في تجسيد فكرة توحيد الركب ذهابا و إيابا، فكان لهذه الإضافة الصدى الكبير في البلدان المتاخمة و البعيدة .
و لابد و في خضم هذا السرد التاريخي أن نكشف عن تردد الكثير من أهل العلم باختلاف مستوياتهم العلمية كحجاج أو مستفيدين من المجالس العلمية التي تتشكل أثناء المكوث المؤقت قبل أن ينطلق الركب إلى سبيله، فتستوعب المنطقة الكثير من المخطوطات و تأخذ في نشرها من خلال المهتمين و كذلك الكثير من المعارف العلمية المختلفة و هو ما مهد لان تكون المنطقة قطبا معرفيا في المستقبل .
إن الإرادة اللاهية جعلت العير التي أقبل فيها الشيخ الفقيه مالك بن أبي بكر تتأخر عن الركب في هذا العام فيبقى لأشهر مضطرا لانتظار الفرصة اللاحقة للتوجه لأداء مناسك الحج ، و في هذه الفترة يشتغل بالإمامة بأحد مساجد أقبلي، كما تزوج من احدى نساء البلد بالضبط قرية ساهل فحملت منه ولده و الذي لم يره لأنه قد غادر للحج و انقطعت أخباره، أبصر النور بابا سيد أمحمد بن مالك و ترعرع في تلك الظروف التي ساهمت في تهيئة شخصيته الطموحة و بفضل الله عليه و منه توجه إلى منارة العلم قرية تنلان أين أصبح عالما جليلا في العلوم الإسلامية، فعاد لمسقط رأسه و أسس مدرسته التي جعلت من منطقة اقبلي منارة من منارات العلم ، فكان له فضل كبير و لأبنائه و حفدته من بعده في بزوغ نور العلم باقبلي. فما هو الأثر المعرفي و الفكري الذي انبثق عن المسيرة العلمية للشيخ بابا سيد أمحمد بن مالك لمنطقة تيدكلت خصوصا و منطقة توات عموما ؟